الثاني والعشرون من ديسمبر| فأطوي عني بُعده وحُمّاه.
في لحظة استرجاعي لكل الأعوام الماضية، وجدت أني أكتب نصوص صغيرة أثناء إصابتي بالحمى بعضها تنُشر ويُقدر لها البقاء، وبعضها يُنشر وسرعان ما يُحذف، والآخر يبقى حبيسًا لمسوداتي، المهم هو الكتابة.
هذه المرة حُمّاي مختلفة، تبدو فاخرة أكثر، تسري بين عظامي، تراقص هذه العظمة ثم تذهب لتلك.. تاركةً تأثيرها خلفها.
عيناي؟ اتسألني عنها؟ تبدو مثل عينيّ أُم تزوج ابنتها الوحيدة لشخص سيغترب لقدر غير معلوم من السنين، وتلك الليلة هي آخر لقاء قبل وداع السفر، فالوجنتين مُحمرّة والأنف أشك بأنه أنفي، تضاعف حجمه وتغير لونه، أما جسدي فهو حرفيًا بوجوده لا داعي لأفران الدنيا، فعلى بُعد من جبهتي تصلك التدفئة، طب هانئًا لا عليك.
حلقي آه منه، قُلت سابقًا في آخر حُمى لي، بأن “قُنفذ” يسكنه، والليلة ذاك القنفذ الصغير دعى قبيلته في حُنجرتي، يستكنون حينما أصمت فلا أشعر سوى بوخزات بسيطة، وحينما أحاول الكلام، يثورون جميعًا، كأنما دقت طبول الحرب، فذاك يهرول والآخر يسُن أشواكه في جدران حلقي، غير آبه بألمي.
حينما تشتد الحُمى عليّ، تراودني أفكار غريبة، فمثلًا فكرة الليلة عبارة عن: من نحن؟ هل نحن الأشياء التي نُحب؟ أم كُل الأفعال التي نفعلها؟ وإن كنُا كذلك فهناك جُملة لا يُستهان بها من أفعالنا تصدر من غير رغبة منا وإنما مجبورون أو مُجاملون! هل نحن الصفات التي تكسونا؟ أم الصفات هي نحن؟
ثم أمحو الفكرة السابقة وأفكر في حال الدببة القُطبية الآن، ثم اتساءل لما هي بيضاء؟ هل تأثير البيئة يفعل كل هذا.. يا إلهي!
وسرعان ما أنسى ذلك فأتذكر موقفًا مُحرجًا حدث لي قبل خمسة،، أو عشرة سنوات من الآن فيعود لي الحرج ذاته!
أغفو قليلًا أو ربما كنت في هذيان الحُمى، أحلم بأحدهم ذا الشوق الكبير في قلبي.. استيقظ فأُحس باشتداد الحُمى، أزيادتها كانت بسبب شوقي له؟ فمؤخرًا حينما أكون حزينة جدًا ومشتاقة جدًا أصاب بالحُمى، أتلك علامة شوق؟
أتذكر بعد هذه الفكرة تعريف ابن القيّم للإشتياق :” الإشتياق هو سفر القلب في طلب محبوبه”
وأظن أن مشقة السفر قد بلغت بي ما بلغت، فأطوي يارب عني بُعده وحُمّاه!
فأنا حزينة جدًا ومشتاقة جدًا ومحمومة جدًا.
تمت،،
٩:١٠ م