ألتحف بعذرها

الثالثة فجرًا—

تثير إعجابي قدرة الحمى على خلق هلوسات غريبة، من شأنها أن تأخذني لأماكن عدة من خلال النظر لشيء واحد فقط.. انظر للباب بعينين تدمع باستمرار، أكاد أحس لهيبها يشق طريقه على خدّي حتى يستقر كجمرة على مخدتي، انظر للباب فأرى ظلًا لأحدهم أتراها صديقتي؟ ، حتى تسقط دمعة أخرى مغشيًا عليها لأدرك أن لا أحد عند الباب، سوى أوهامًا وظلالًا.
حقيقةً لا أنكر فضلها تلك الحمى، ألتحف بعذرها فأهمي بكاءً، لا أحد يعترض، فأبكي حُمّاي و وحدة ليلي، ألمي وشيء ماضي، أبكي شوقًا، واعتراضًا فرضى، استدر عطفها برضاي، فتوسعني برضاها بدمع جديد، فلا أمسح خداي لأنها تجرحت، من ليلة محمومة طويلة، ولا أبالي بغرق جديد.
أقلب المخدة فوجهها قد صار رطبًا، وأتمنى لو استطعت تغيير ليلتي بكل هذه السهولة، من كدرها لفرح، ومن ضيقها لمتسع، فأدرك أن لا حول لي ولا قوة إلا بالعزيز هناك، في السماء، ينظر لتقلبي لوهج جسدي المضنى، وسيرحمني برحمته في لحظة ما.
دقات متتالية لقلبي، أدرك أنها صرخات استجداء، بتنا نفهم بعضنا مؤخرًا، أضع يدي عليه كـ “لا بأس تحمّل هذه الليلة معي”.
طنين أذناي، وألام تسري في عظامي، وأجفان واهنه، كل هذا لا يمنع تسرب كلمات مرّت بيومي فاستشيط غضبًا لكلمة قيلت في ظهر هذا اليوم وأسمح لحاجبيّ بالالتفاف كدرًا، وأتذكر حديثًا لأختي الصغرى في منتصف اليوم تستعجب قوتي لتحمل كل هذا فأستعيد فخري بي، فأرجع أتذكر كلمة لصديقتي ليلًا فأسدل ستار جفنايّ على ما تبقى من دمعي وأنطق للمرة الأولى في هذه الليلة بـ “افتديها..افتديها”.
أغفو فأرى الجنة، وأصوات تسرق مني قدرة التمييز، فأحس بيد باردة تضم وجهي، ترتكي على جبهتي فاستيقظ مفزوعة، يجيئني صوتها مخاطبًا، تسأل عن أنيني الذي أيقظها، بيدها الماء وعلبة الدواء، وبعينين حنونة تمده ليّ.
أتذكر : ” تعـالي ما لقيت أصحاب.. يحلف لك أنيـن الباب”.

هل أنا في هذه الليلة ذاك الباب يا طلال؟
رغم ذلك لم تجيء.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s